حرب السمبوسة!!
عالم الأسرة » همسات
02 - رمضان - 1437 هـ| 08 - يونيو - 2016

في كل بيت فيه أطفال نرى المشهد نفسه بصوره المتعددة: طفل يريد قطعة من العجينة وأم منزعجة من ذلك، هو يصر على نيل حظه من عجينتها، وهي تريده أن يلعب بعجينته الخاصة أو الصلصال، أو أي لعبة أخرى بعيدا عنها. وفي غمرة إصراره واستعجالها وقلة اهتمامها بطفلها يحدث مالا يحمد عقباه.
فنجد في الأمهات من تغلق عليها باب المطبخ، ومنهن من تسرع في عملها قبل استيقاظهم من النوم، في حين يفضل بعضهن إعطاء الأطفال جزءا صغيرا، بشرط اللعب بعيدا في صرامة ومن دون جدال.
ينتاب الأطفال الفضول حول السمبوسة، فهي الشيء الذي يرونه أول مرة أو أنهم يرونه بقلة (فقط في شهر رمضان المبارك)، فتنطلق التساؤلات تحرك جسده الصغير فيما نسميه نحن (عبث وتخريب) بينما يريد هو اكتشاف ماذا تفعل أمي؟ في الوقت نفسه يصنع المقارنات، ونراه مندهشا من السمبوسة المحشوة اللذيذة، بينما أشكاله التي يصنعها فارغة. والشكل المرتب المتكرر الذي لا يملك هو فن صنع الشكل نفسه بالحجم دائما. إضافة للأدوات المثيرة التي تستخدمها الأم في صنعها.
ومما يميز الأطفال حبهم للتقليد، وهذا ما يدفعهم للمحاولات المستميتة في سبيل حصولهم على العجين، ومن ثم استخدام الأدوات نفسها، فهم ينتظرون النتيجة نفسها (سمبوسة مماثلة لسمبوسة أمي) وحتى لو كان شكلها مختلفا، فهو يشعر بالفخر لأنه استخدم أدوات الكبار وأنتج بها أشكاله الخاصة.
تشكل العجينة للطفل عالما سحريا غنيا بالاستمتاع، ومن حسن الحظ أن ذلك يسهم في نموه بطريقة صحيحة، فمحاولة صنع السمبوسة تثير تفكير الطفل وتنمي خياله وإبداعه، فنجده يصنع الكثير من الأشكال، وقد يلعب بها لاحقا مكونا قصة مثيرة، أو يقترح عليك أشكالا أخرى لسمبوسة غير تقليدية.
من ناحية أخرى فالعجين بصفة عامة يهيئ الطفل للكتابة، فهي تعلمه كيف يستخدم أصابعه بطريقة فعالة، وكيف يكون دقيقا في تحريكها، وإتقانه لهذا يجعله يعرف كيف يكتب حرفا بسهوله.
ومن زاوية أخرى ففرحة الطفل بإنجازه فرحة عظمى، فهو يشعر بالفخر لأنه صنع شيئا ويمكنك تعزيز ذلك الشعور وتنمية ثقته بنفسه، إن أبديتِ يا أمه إعجابك بأشكاله وتناولت منها القليل.
علميه كيف يعمل كرات، علميه كيف يفرد العجين، وكيف يغلق السمبوسة، دعيه يساعدك قليلا في جو من المودة والحب يكن لديك طفلا جيدا، تغمره الانفعالات الإيجابية، وسيخبر كل من يقابلهم بأنه صنع سمبوسة وساعدك فيها. وما أقصده بالمودة والحب لا يعدو عن إفساح المجال له بابتسامة وقبول ورضا، وإبداء الملاحظات بهدوء بعيدا عن الانفعال.
في أسوأ الأحوال: يمكنك أن تعطيه كمية من العجين وتدعيه يلعب بجانبك ريثما تنتهي، وبعد انتهائك، اتركي له الأدوات ليلعب بها ويصنع عجينته الخاصة. يمكنك أيضا إبداء الملاحظات اليسيرة والمفيدة حول كيفية صناعة السمبوسة؟ حين تصنعين سمبوستك وطفلك بجانبك. ذلك سيثري خبراته ويجيب على الكثير من أسئلته التي تدور في عقله.
أعلم بمدى إرهاقك وكثرة الأعمال وضيق الوقت، أقدر توترك ونفاذ صبرك، لكنهم فلذات أكبادنا الذين نطمح أن نراهم في ذرا المجد.