فارق السن في الزواج بين المطلوب (والمعيوب)!!
عالم الأسرة » هي وهو
03 - محرم - 1428 هـ| 22 - يناير - 2007

يتقبل المجتمع الفلسطيني والعربي عموما أن يكون الزوج أكبر سناً من الزوجة بعام أو عشرة أو حتى عشرين عاما، لكنه يتحسس من مسألة أن تكون الزوجة أكبر من الزوج ولو بأشهر أو سنوات قليلة يمحو أثرها الود والتفاهم والاتفاق بين الطرفين.
في الوطن الفلسطيني وجدت قلوب فتية اجتمعت على الود والتفاهم وألغت مقاييس العمر من حساباتها ورغم فارق السن الذي ارتبط بمن اختاروها شريكة للحياة أصروا على مواصلة الطريق سوياً، داعين المجتمع إلى استيعاب أن تكون الزوجة أكبر سناً من الزوج... "لها أون لاين" في التحقيق التالي تعرض لنماذج استطاعت تخطي عقبات فارق السن والتمتع بحياة هادئة سعيدة، كما نعرج على استطلاع آراء شباب وفتيات حول إمكانية تقبل أن تكون الزوجة أكبر سناً من الزوج:
"تعد العلاقة الزوجية ذوبانا لشخصين في قالب واحد، يجتمعان على الود والتفاهم والاتفاق على بناء أسرة سعيدة يحفها الاحترام والتكافل من كل جانب، ولا مكان فيها لعواقب فارق السن سواء من ناحية الزوج أو الزوجة".. تلك الكلمات خرجت على لسان "زينات" - في التاسعة والعشرين من عمرها متزوجة منذ عام فقط، من رجل يصغرها بأعوام ثلاثة، وتستطرد الزوجة حديثها عن علاقتها بزوجها فتؤكد أنها عرفته قبل الزواج بسنوات قليلة لكن فارق السن بينهما خاصة أنها التي تكبره بثلاث أعوام أعاق الارتباط الفعلي بينهما بالزواج، إذ لم يرحب بالفكرة أهله وتضيف: "غير أن التوافق والتفاهم بيننا كان أقوى واستطعنا إقناع الجميع وإرضاء جميع الأطراف والحمد لله أؤكد أنني أحيا مع زوجي أجمل أيام عمري وننتظر بلهفة وليدنا الأول الذي سيوطد العلاقة بيننا ويجعل حياتنا أكثر سعادة وأمناً واستقراراً".
ولا يختلف رأي زوجها كثيراً فأشار أنه أسقط معيار العمر من حساباته وأولى اهتمامه في انتقاء شريكة حياته لعقلها وتفكيرها واهتماماتها التي تتشابك وتتوافق مع اهتماماته ونظرته للحياة.
بين رافض ومتقبل
ليس كل الناس يجتمعون على رأي واحد، ولا قناعاتهم واحدة فبينما تجد أحدهم متقبلاً لفكرة ما تجد آخر يعارضها ويرفض حتى التفكير بها.
كريمة حسن في العشرينيات من عمرها، أكدت رفضها لفكرة الارتباط بشخص يصغرها سناً حتى لو كان عاماً وعلتها في ذلك أنه مهما كان التفاهم والتوافق الاجتماعي والفكري والعاطفي بينهما لا بد من وجود خدش في جدار الحياة الزوجية بينهما وهنا يبدأ يؤنبها بأنه قبل بها زوجة وحارب من أجلها أهله رغم فرق السن بينهما، ما يؤدي بحياتهما الهادئة إلى جحيم وتضيع معاني الحياة السعيدة بينهما.
وعلى النقيض قالت أم مصطفي: "كنت كما المجتمع أعيب أن تتزوج الفتاة بمن هو أصغر منها سناً"، تستدرك: "لكن الحياة دائماً تعلم من خلال تجارب الآخرين تغيير المواقف، وجدت في تجارب عابها المجتمع ووقف ضدها أنجح قصص الحياة الزوجية التي تحلم بها كل فتاة ومن ضمنها قصة لابنة جيراني التي أصبح يضرب بها المثل وبزوجها في تدبير أمورهما وصبرهما ومثابرتهما والحب والعطاء الذي يجمع بينهما بعد أن رفض حتى أقرب المقربين منها ارتباطها برجل يصغرها بأربع سنين ورفضها لعريس آخر أكبر منها سناً لكنها لم تره الرجل المناسب لترتبط به وتكمل معه مشوار الحياة"، وتضيف: "أعتقد أن المسألة أهم من مسألة سن فهي مسألة توافق وتفاهم مبنية على أسس دينية وأخلاقية وشخصية بعيدة كثيراً عن السن، لذا أنصح كل فتاة تريد الزواج أن تنظر لما هو أهم من السن والمركز الاجتماعي والاقتصادي لأن هذه الأمور ليست أسباباً للحصول على حياة زوجية مريحة"، وتضيف: "أري رجالاً في سن صغيرة يفوقون علماً وأدباً وأخلاقاً من هم أكبر منهم.. وتسأل: إذاً من الأكثر رجولة؟!".
ويوافقها الرأي محمد أبو شعبان في بداية الثلاثينيات من عمره مؤكداً: ليست السن المقياس الصحيح لسعادة الزوجين وتفاهمهما واستمرار حياتهما بل هناك معايير أخرى، ويقول: "بحسب رأيي السن تأتي في مؤخرتها فكم من الرجال تزوجوا بمن هن أصغر منهم سناً وفشلوا والعكس صحيح"، وتابع: "نجاح الحياة الزوجية يتوقف على التعاطف والتوافق الفكري والعاطفي والاجتماعي والثقافي والاحترام المتبادل بين الزوجين، فليس معنى أن يكون الزوج أو الزوجة أكبر سناً فيقوم بإملاء الأوامر وما على الطرف الآخر إلا تنفيذها عن ظهر قلب دون مناقشة"، واستطرد قائلاً: "لنأخذ رسولنا الكريم قدوة في هذه المسألة فهو من تزوج بخديجة رضي الله عنها وكانت تكبره بخمسة عشر عاماً إلا أنها كانت الأقرب إلى قلبه، فالتفاهم والود والتوافق والاحترام والإكبار بين الزوجين هو أساس النجاح لا فارق السن، حسب تقديري".
العادات والتقاليد الاجتماعية
يرى د. جهاد حمد أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر بغزة، أن العادات والتقاليد الاجتماعية في المجتمعات العربية تحرم الشخص من ممارسة بعض من الحقوق العادية كالزواج من إنسانة تكبره في السن نظراً للانتقاض والرفض الكامل لبروز الفكرة وتداولها بين أفراد المجتمع.
ويضيف د. حمد: "المجتمع الفلسطيني واحد من تلك المجتمعات لا يتقبل أن يتزوج شاب من فتاة أكبر منه سناً، وإن حدث ذلك تكون قلة لا تحظى بالتأييد من الأهل والأصدقاء إذ يسعى الأهل من الطرفين لإفشال الموضوع"، لافتاً أن طبيعة الرجل الشرقي والفلسطيني يحبذ دائماً أن يكون سيد البيت والمسئول عنه ويبحث دائماً عن الجمال والدلال والأنوثة في شريكة حياته ولاسيما أن تكون صغيرة السن لتنجب له الأطفال، وأضاف: "هناك عدة عوامل من شأنها أن تؤدي بالزواج إلى نجاح وعدم توافرها يحسم نتيجة الفشل ومن تلك العوامل: الانسجام الاجتماعي والاقتصادي وكذلك الانسجام العمري والتوافق العلمي والفكري".
رأي الشريعة
أما د. ماهر الحولي أستاذ أصول الدين بالجامعة الإسلامية فقد حدثنا عن شروط الزواج في الإسلام فقال: اشترط الإسلام في مسألة الزواج أن يكون الرجل بالغاً عاقلاً وكذلك الزوجة بالغة عاقلة دون الإشارة إلى العمر، لافتاً إلى أن التفاوت في العمر لا يمنع الزواج مادام وجد التوافق والانسجام العاطفي والفكري والثقافي والنفسي بينهما، مشيراً إلى أن أنجح زيجات رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان فيهما فارق سن، فالسيدة عائشة التي تصغره بأعوامٍ كثيرة والسيدة خديجة رضي الله عنها التي تكبره بكثير، كانتا من أنجح زيجاته عليه الصلاة والسلام حيث كانتا الأقرب إلى نفسه.
وعلق مؤكداً: "الأصل في الزواج البلوغ بغض النظر عن العمر، الناس تنظر بحساسية إلى سن الزوجة، فهم يريدونها -وبخاصة الرجل- المنجبة للأطفال الجميلة المدللة القائمة بأعباء المنزل العاملة على راحة زوجها وإسعاده، ومن شروط ذلك من وجهة نظرهم أن تكون أصغر من الزوج".