بسم الله الرحمن الرحيم..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أحيي الاخوة والأخوات في هذا الحوار، الذي اسأل الله تعالى أن يكون نافعاً ومفيداً.
فيما يخص سؤالك يا أخت نورة، فقد وصفتِ القلق بأنه ليس له أصل، وهذا وصف جميل لأنه ينطبق فعلاً على غالب القلق، فإنّ أغلب القلق هو أمر صنعه الإنسان ذهنياً، مخاوف واحتمالات وتوقعات لأمور سيئة، صنعها الإنسان داخل ذهنه، والغالب أنها ليس لها وجود في الواقع، ولذلك فعلاً القلق ليس له أصل، أما القلق الذي يكون عن أمر حقيقي، أمر مخيف فعلاً، فإننا لا نعتبره قلقاً، لأنه استجابة طبيعية لمشكلة حقيقية، ولا يعد هذا من المرض، إلا إذا زاد عن حده، وبناء على ذلك فحوارنا اليوم كله سيكون جواباً عن سؤال الأخت نورة وما يشبه سؤال الأخت نورة، وأيضاً وصفت القلق بأنه بسبب مشكلة صغيرة، والحقيقة أيضاً كلامها صحيح ودقيق، فإن معظم الأشياء التي نقلق منها هي أشياء صغيرة، وأحياناً كثيرة تكون متوهمة، يعني غير موجودة حالياً، مثل أم تخاف إذا ذهب أبناءها إلى المدرسة تقلق أن يصيبهم حادث، وفعلياً لا توجد مؤشرات على وجود حادث، ولكنها تقلق كل يوم عندما يذهب أبناءها إلى المدرسة، والزوجة إذا سافر زوجها للعمل، والشخص إذا مرض قريب له يشعر بالقلق الشديد، مع عدم وجود مؤشرات تدل على خطورة الوضع.
لكنه حتى لو كان هناك مؤشرات على خطورة الوضع، فإن هذا يبتديء قدراً (معقولاً) من القلق، أما إذا زاد معدل القلق عن المستوى المعقول الذي يتناسب مع الحدث، فإنه حتى ولو كان سبب القلق موجوداً فإنه يعتبر مشكلة تحتاج إلى حل.
أما علاج القلق فإنني أميل بالتجربة في العيادة ومن نتائج الأبحاث، إلى إلى ما أسميه (البرنامج الشمولي لعلاج القلق) وأقصد بالبرنامج الشمولي أن مريض القلق لديه مشكلة في أكثر من محور. وبالتالي فالحلول الجزئية السريعة والتطمينات الجزئية لا تفيده في الغالب، إنما الذي يفيده أن يكرر ويستعيذ بالله ويدخل برنامجاً علاجياً مبنياً على الأدلة العلمية التي تعتمد على التغيير الشمولي لطريقته في التفكير وطريقته في التصرف وطريقته في النظر إلى المستقبل والمخاوف، وتصحيح بعض القناعات والمسلمات والثوابت لديه حول الحياة ومستوى الأمان فيها وحول الاطمئنان وكيفية الحصول على الاطمئنان ومعنى الاطمئنان أصلاً، وقناعات الرغبة في التأكد من كل شيء، والحرص على أن يكون كل شيء على التمام والكمال، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من البرامج التي تكون في العادة ما يقارب أربعة أشهر (120 يوماً) وهناك أدلة علمية كثيرة على أن مرضى القلق مهما كانت شدة القلق لديهم إذا دخلوا في هذا البرنامج، وكان المعالج يستخدم الطرق العلاجية التي ثبت نفعها بالدليل، فإن الأبحاث تشير إلى أن مرضى القلق يستفيدون كثيراً من هذا البرنامج العلاجي. أما الذي يطلب نصيحة هنا وهناك، ويقرأ صفحة هنا وصفحة هناك، ويأتي ويقول القلق الذي عندي لا شفاء له، فهذا لم يسلك الطريقة الصحيحة لعلاج القلق، ولعلنا في سؤال آخر نفصل أكثر في هذا البرنامج الشمولي لعلاج القلق.

يعاني قطاع كبير من الناس من القلق، وهو مشكلة نفسية شائعة، تجعل صاحبها يهتم اهتماما زائدا بالأحداث والمواقف، بحيث يتوقع الأسوأ غالبا، ويعيش في ترقب وتوجس من خطر ما سيقع .. ولذلك فحياته جزء كبير منها يضيع في احتمالات وتوهمات وتخوفات من أشياء غالبها لا يحصل.
إذا كنت تعاني من القلق أو يعاني منه من تحب فربما يكون هذا الحوار مفيدا لكم
اطرحوا اسئلتكم و تابعونا..